الرئيس التونسى: نحن ضد التدخل العسكرى بليبيا وسأبحث الأزمة خلال زيارتى للجزائر
بعد مرور 100 يوم على دخوله قصؤر "قرطاج"، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن بلاده لا تعيش عزلة، وإنما أصبحت قبلة دبلوماسية منذ توليه منصب الرئاسة، مشيرًا إلى أنه سيتوجه في أولى زياراته الخارجية، للجزائر، الأحد، وأن المسألة الليبية ستكون إحدى مواضيع الزيارة.
جاء هذا خلال حوار أجراه مع القناة التونسية الرسمية بمناسبة مرور 100 يوم على تولي سعيد للسلطة.
وكان من أبرز تصريحاته خلال الحوار أن هناك عمل دبلوماسي مكثف لا يظهر لكن المهم أن تظهر نتائجه، ونحن لسنا في عزلة.
وأكد سعيد، أن عدم ذهابه إلى مؤتمر برلين، مرده أن الدعوة جاءت متأخرة، وأوضح: فنحن لا نركب القطار وهو يسير وقد أعرب العديد عن أسفهم لهذه الدعوة التي جاءت متأخرة".
من جهة أخرى أكد سعيد أن تعطل زيارته إلى الجزائر كان نتيجة الانتخابات الرئاسية التي عرفتها الجزائر مؤخرا، فضلا عن مفاوضات تشكيل الحكومة في تونس.، وتابع ”سأذهب إلى الجزائر الأحد كما وعدت، فالجزائر جزء منا”، مشيرًا إلى إمكانية الاتفاق مع الجزائر حول مبادرة واحدة لحل الأزمة الليبية يكون أساسها الليبيين، ”فنحن ضد التدخل العسكري”.
وتابع: ”المقاربة الجزائرية هي نفس المقاربة التونسية لذلك يمكن أن نصل إلى مبادرة واحدة.”
وذكر الرئيس التونسي أن بلاده "من أكبر الدول المتضررة من الأزمة الليبية، والجزائر أيضا متضررة ولا يمكن إلا أن نلتقي حول حل يكون مصدره الشعب الليبي".
وبالنسبة للأوضاع الداخلية فى تونس، قال الرئيس سعيد إن هناك مؤامرات وترتيبات تحاك لتونس لتعطيل المسار الذي تعرفه البلاد، واستكمل “هناك من يريد تعطيل المسار، وهناك من له مصالح وارتباطات مع دول وقوى أخرى (لم يسمها)”.
وأضاف: “نحن نريد أن نكون أسيادا في بلادنا، والقضايا التي تفتعل، تفتعل بهدف إرباك التونسيين، والتهويل الموجود للجرائم أيضا هدفه إرباك المواطنين كذلك”.
يذكر أن وسائل إعلام محلية اهتمت مؤخرا بأخبار جرائم الحق فيما أظهر أنها ارتفعت عكس ما كانت عليه قبل ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وطمأن الرئيس قيس سعيد التونسيين قائلا: ”حريص على أمن تونس، وقوات الأمن والجيش ستتصدى لكل محاولات الإرباك، وهي قادرة على السيطرة على كل شبر من تراب تونس.”
وكان الرئيس التونسي قد أقر خلال كلمة له بمناسبة إحياء عيد الثورة بأن هناك مؤامرات ومهاترات تحاك كل يوم وهناك من يفتعل الأزمات، وحينها وجه كلامه للحضور قائلا “أنتم تعرفونهم بالاسم وتعرفون من يقف وراءهم في الظلام، ولكنهم لن يحققوا أبدا ما يريدون.”
ودعا سعيّد أن تتولى الدولة المرافق العمومية من صحة وتعليم وضمان اجتماعي فضلا عن الشغل، مؤكدًا أنه بصدد مشاريع قوانين بالنسبة للقانون الانتخابي وقوانين اقتصادية واجتماعية.
وتابع سعيد ”أحاول أن أجد التمويلات اللازمة من الداخل والخارج لحل مشكل الشباب” معلنا أنه “يعمل على إنشاء مدينة صحية في القيروان تتوفر على كل الاختصاصات".
وحول ما يروج في الساحة الإعلامية التونسية عن تنسيقيات تسعى إلى تشكيل حزب له ذكر سعيّد “ليست لدي النية على الإطلاق في تأسيس أي حزب”.
سعيد أمام تحديات صعبة
بمرور 100 يوم على وصول الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى سدة الحكم نجد تجاذبات سياسية حادة دفعته ليصبح في وسط المعترك السياسي في ظل عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن.
لم تكن علاقة قصر قرطاج بالإعلام جيّدة منذ أن وصل سعيّد (61 عاما) الجامعي المتخصص في القانون الدستوري إلى الحكم، لم يخاطب سعيد التونسيين الا في مناسبات قليلة وهو الذي ركز حملته الإنتخابية على الدفاع عن لامركزية القرار السياسي، وانتقاد طبقة سياسية حاكمة لم تنجح في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في البلاد منذ ثورة 2011.
وبرز اهتمامه الشديد بهذين الملفين بالرغم من أن صلاحياته الدستورية تقتصر على العلاقات الدبلوماسية والأمن القومي حصرا.
أمسك سعيد بملف ليبيا وقابل في خصوصه ممثلين دبلوماسيين ورؤساء دول فاعلين فيه على غرار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ولكن لم يغفل في المقابل فتح أبواب الرئاسة لاستقبال شباب عاطلين عن العمل من المناطق الداخلية في البلاد يبحث معهم مقترحاتهم لحل أزمة إنتاج الفلسفات في قفصة (جنوب).
لم تتخذ إجراءات عملية إثر لقائهم لكنّه طمأنهم في انتظار حسم تشكيل الحكومة المقبلة التي توكّل لها هذه المهام.
يقول المحلل السياسي يوسف الشريف لفرانس برس "ليس لدينا فكرة محدّدة على استراتيجيته، وليس هناك حكومة وبذلك فإن هناك بطء في عجلة الدولة".
وجد سعيّد نفسه ملزما دستوريا بتكليف شخصية لتشكيل الحكومة إثر فشل مرشح حزب "النهضة" الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان مطلع يناير، اشترط الرئيس التونسي خلال دخوله في مشاورات سياسية مع الأحزاب قبل ترشيح وزير المالية الأسبق إلياس الفخفاخ، أن تقدم الأحزاب والكتل السياسية مقترحاتها "كتابيا" في محاولة لتجنب إهدار الوقت.
لم يكن الفخاخ مرشحا من حزب "النهضة" ذي المرجعية الإسلامية (54 مقعدا من أصل 217) وحزب "قلب تونس" (38 مقعدا)، ولكنّه أكدّ منذ أول ظهور له في الإعلام أنّه يستمد شرعيته من الرئيس سعيّد دون سواه. طلب سعيّد من الفخفاخ أن يأخذ بالإعتبار في برنامج عمله "أنّاة العاطلين عن العمل وأنّاة الفقراء".
يبقى سيناريو رفض البرلمان لحكومة الفخفاخ قائما وأمام سعيّد امكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة بداية من ممارس، على ما ينص الدستور التونسي في فصل 89.
الحفاظ على السيادة
دبلوماسيا، من الصعب الوقوف على تغيير واضح المعالم في سياسة البلاد، يعتبر الشريف "بدأنا نرى نوعا من الحفاظ على السيادة"، معلّلا ذلك برفض تونس الدخول في حلف مع أنقرة في خصوص الملف الليبي بالإضافة إلى رفض دعوة برلين في منتصف كانون الثاني/يناير للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا لأنّها وصلت "متأخرة".
لم يقم الرئيس التونسي بأيّة زيارة رسمية في انتظار تشكيل الحكومة، إنّما زار مسقط فقط لأداء واجب العزاء إثر وفاة السلطان قابوس ومن المرتقب ان يزور الجزائر الأحد.
ظهر حرصه على الحفاظ على السيادة الوطنية جليّا في حملته الإنتخابية وفي خطابه خلال أداء اليمين، غير أنّ رفض دعوة برلين أثار انقساما لدى الرأي العام، اعتبره البعض مفخرة للدبلوماسية التونسية وآخرون وصفوا القرار بالمتسرّع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق